تمكنت الفتيات اليمنيات المنخرطات في الشرطة النسائية على مدى السنوات الماضية من إثبات مدى حاجة المجتمع لهن إلى جانب رجال الأمن، بعد معارضة شديدة من قبل بعض الأحزاب اليمنية، وعدد من القبائل التي كانت تنظر إلى وجود النساء في المجال العسكري "نظرة العيب" لاعتقادهم بان توظيفهن يقلل من شأن القوات الأمنية من الذكور في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة البطالة في وسط الشباب اليمني.
التفاصيل في سياق الاستطلاع التالي :
بداية نشير إلى ان مدرسة الشرطة النسائية في اليمن تأسست عام 2001م وقد انضم اليها العديدُ من النساء اليمنيات وتخرج منها عدة دفع في محاولة منهن لاثبات قدرتهن على العمل في جميع المجالات .
ويقول اللواء الركن مطهر رشاد المصري وزير الداخلية في اليمن "إن إنشاء الشرطة النسائية جاء في سياق حرص الوزارة على تعزيز الإجراءات الأمنية وتحسين أداء الأجهزة الأمنية في البلاد ، وتمشياً مع الأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية اليمنية وخصوصاً حيال التعامل الأمني مع المرأة " .
ويضيف " لهذه الأسباب فإن وجود الشرطة النسائية بات ضروريا لتنفيذ الإجراءات الأمنية التي تشمل النساء خاصة في المنافذ والمطارات والسجون والمباحث الجنائية ، مع تزايد استخدام النساء في التهريب وبعض الأعمال الإجرامية والخارجة عن النظام والقانون."
ففي مارس 2001 شهدت اليمن تخرج أول دفعة من الشرطة النسائية، واليوم تنتشر كوادر الشرطة النسائية في مختلف المرافق الحكومية، لكن نظرة المجتمع بدأت تتغير نحو دورهن في حفظ الامن والاستقرار ومكافحة الجريمة والارهاب.
وتقول المجندات حديثا بأنهن لم يواجهن أي صعوبات أو معاناة لدى التحاقهن بمدرسة الشرطة وتخرجهن منها فأهلهن لم يعارضوا، لكنهن واجهن في البداية صعوبات على مستوى مجتمعهن.
وتضيف المجندات "لكن هذا لا يمنع أن غيرنا واجهن رفض أسرهن بالإضافة إلى رفض المجتمع لجنيدهن على اعتبار ان التجنيد حكرا على الرجال والشباب .
دراسة ميدانية
وفي دراسة ميدانية حول الموقف الاجتماعي من عمل المرأة في المجالات الحساسة مثل الشرطة نفذها الباحث سعيد الحكيمي من جامعة صنعاء أظهرت نتائجها أن هناك موقفا اجتماعياً متشدداً حيال عمل المرأة في الشرطة والقضاء حيث فضّل المبحوثون بقاء المرأة في المنزل ، و أن 60 بالمائة من هؤلاء ، ذكورا وإناثا، يحملون مؤهلات جامعية وبعضهم يحمل الماجستير والدكتوراه.
وبحسب الدراسة فإن الأسباب الاجتماعية أسهمت بنسبة 88 بالمائة في بناء مواقف المعارضين لالتحاق المرأة بالشرطة والقضاء وغيرها من الأعمال التي توصف بالحساسة.
ومن هذه الأسباب أن التقاليد والأعراف لا تسمح ، وأن التكوين الجسدي والنفسي للمرأة لا يتيح لها القيام بواجباتها في الظروف الصعبة مع ان الجانب العملي اثبت فوائد كبيرة لتواجد الفتيات في السلك العسكري.
خيار مفتوح
مشيرة المضواحي شرطيةٌ مدربة قي مدرسة الشرطة النسائية وهي احدى خريجاتِ الدفعة الاولى تقول : لم تكن تتوقع الفتاة اليمنية وخصوصاً الريفية أن تصبح مسألة الالتحاق بسلك الشرطة خياراً مفتوحاً أمامها ، في ظل الموقف الاجتماعي الذي لم يتقبل بعد فكرة التحاق الفتاة في مهام شرطوية أو عسكرية ، لكن هذا الخيار بات ممكناً الآن بعد القرار الشجاع الذي اتخذته الحكومة قبل بإنشاء مدرسة الشرطة النسائية في اليمن . لكن إرادة التغيير الحكومية وقوة القانون مثلا عاملين حاسمين في تأكيد حق الفتاة في الالتحاق بسلك الشرطة ضمن حقوق كثيرة تتمتع بها المرأة اليمنية في ظل السياسة الجديدة للنظام السياسي في البلاد.
مكافحة الإرهاب
وباتت المجندة اليمنية موجودة ضمن قوة مكافحة الإرهاب حيث يتم فصل الرجال عن النساء لكنهن يدرسن ويشاركن في التدريبات مع زملائهن، كما أنهن لايقمن في ثكنات قوات الأمن المركزي مثل زملائهن ولكن يقمن مع عائلاتهن ويحضرن كل صباح إلى مقر الأمن المركزي.
وتدرك افراد قوة مكافحة الإرهاب من النساء ذلك الحاجز الذي يخلقه ارتداؤهن للزي العسكري لدى الآخرين، لذا فهن يتعاملن مع الشخص الذي يتم إلقاء القبض عليه خاصة وإن كان سيدة بمحاولة تهدئة وطمأنته والتعامل كذلك مع المواطنين بسلاسله لأجل كسب ثقتهم.
كوماندوس
وقد واجهت اليمن العديد من الهجمات الإرهابية التي كان بعض منفذيها يتسترون بزي النساء إلى جانب الاستعانة بمنازل اغلب ساكنيه من النساء مما سبب ذلك إحراجا لقوات الأمن اليمنية في مجتمع يرى بأنه من العيب تفتيش الرجال للنساء حتى في الضرورة القصوى.
ولذلك كانت أول دفعة كوماندوس نسوية اقتحامية لمكافحة الإرهاب قد تخرجت أواخر العام 2007م وأشرف على تدريبها حسب التقارير الامنية مدربات أجنبيات من بلدان الحلف الدولي لمكافحة الإرهاب. كخطوة أمنية تعد الأول من نوعها في تاريخ اليمن الحديث .
وتلقت الخريجات محاضرات نظرية وتدريبات عملية في عدة دورات شملت اللياقة البدنية 0 الدفاع عن النفس0طبوغرافيا0 المهارات الميدانية وضرب النار والتحريات.
دور ملحوظ
و أفشلت فرق الكوماندوس النسوية العديد من العمليات الإرهابية التي كان يعتزم أصحابها تنفيذها بملابس نسائية كما استطعن كشف نساء كن يعملن لنقل متفجرات للمجموعات إلارهابيه والمتمردة ومنها ‘الجماعات الحوثية ‘ كما نفذت الشرطيات عمليات اقتحامية لمنازل عائلية كان يخطط فيها تنفيذ عمليات إرهابية.
وحققت الشرطة النسائية اليمنية منذ إنشائها الكثير من النجاحات حيث استطاعت إلى جانب أخيها المجند محاربة الإرهاب بكافة أشكالها.
وكان لتلك النجاحات التي حققتها الشرطية النسائية أثارها الكبير لدى المجتمع اليمني الذي بدا يقلل من معارضته لوجود الشرطيات وخاصة اذا كانت مسئولة عن تفتيش وحماية النساء واقتحام المنازل العائلية في حال الضرورة الأمنية القصوى، مادمن ملتزمات بالمظهر والتعاليم الإسلامية والعادات والتقاليد اليمنية.
وأصبحن الشرطيات اليمنيات يوصفن بأنهن أحدث أسلحة اليمن في الحرب ضد الارهاب وفي تنظيم حياة المجتمع المدني واثبتن جدواهن خلال الانتخابات اليمنية بالاشراف على تنظيم اللجان الانتخابية النسائية وحراسة صناديق الاقتراع والكشف عن هوية المقترعات من اي تزوير الى غير ذلك من الادوار المشهودة.
المصدر: الاتحاد الأماراتية